بقلم د/ سماح عزازي
منذ منتصف الثمانينيات، سطع نجم الفنان المصري جمال صالح كأحد أبرز الوجوه في أدوار الشر الثانوية، حيث امتلك حضورًا فنيًا قويًا ترك أثرًا واضحًا في ذاكرة الجمهور، رغم قلة ظهوره في الأدوار الأولى. واليوم، وبعد مسيرة طويلة في خدمة الفن، يعيش جمال أيامه داخل دار المسنين الخاصة بالفنانين، حيث اختار أن يكمل حياته بين زملائه، في بيئة توفر له الرعاية والاهتمام، لكن بقلبٍ مثقلٍ بالشوق والحنين.
نشأته ومسيرته الفنية
وُلد جمال صالح في 7 يوليو عام 1964، وبدأ مسيرته الفنية من بوابة السينما، حيث شارك في فيلم "انحراف" عام 1985، إلى جانب النجم الراحل نور الشريف والفنانة مديحة كامل. وتميز بأدائه المتقن لأدوار الشر، ما جعله عنصرًا لا يُستغنى عنه في كثير من الأفلام والمسلسلات.
شارك جمال صالح في عدد من الأعمال السينمائية المهمة، منها:
وداعًا يا ولدي (1986) بدور صابر رجل عصابة أبو داود
دموع الشيطان (1986)، مهمة في تل أبيب (1992)
بالإضافة إلى أفلام مثل القبطان، بلاغ كاذب، بطل من الصعيد، مخالب امرأة، والعملية 42.
أما في الدراما التلفزيونية، فقد كان له حضورٌ لافت في مسلسلات:
ليالي الحلمية، العمة نور، نساء في الغربة، الوسية، بنات زينب
لن أخضع لرجل، وغيرها من الأعمال التي جسّد فيها شخصيات متنوعة بحرفية عالية.
الحياة الشخصية ومحطة دار المسنين
رغم نجاحه الفني، لم تكن الحياة كريمة بما يكفي للفنان جمال صالح. فقد واجه في السنوات الأخيرة أزمة مادية خانقة، اضطرته لطلب المساعدات، قبل أن يجد في دار المسنين الخاصة بالفنانين مأوىً يوفر له الاستقرار والكرامة. وأشار في أحد اللقاءات التلفزيونية إلى أنه كان يعيش سابقًا مع ابنته الوحيدة في مدينة نصر، لكن انشغالها الدائم وتركه وحيدًا جعله يشعر بالعزلة، مما دفعه لطلب الانتقال إلى الدار.
يقول جمال صالح باكيًا:
"أنا كنت متزوج وعندي بنت وحيدة، وهي عايشة مع والدتها دلوقتي، بس مبتسألش عليّا… أنا واحد غير الناس اللي موجودة هنا كلها، معنديش أي مكان أقيم فيه غير هنا."
ويضيف:
"الدار موفّرة لنا كل حاجة وبدون ما ياخدوا منّا مليم… هنا في ناس طيبين بيهتموا بينا، وبنعيش مع بعض كأننا عيلة وحدة."
رسالة إنسانية مؤثرة
في لحظة إنسانية مؤثرة، وجه جمال صالح رسالة من القلب إلى ابنته الوحيدة، قال فيها:
"يمكن الظروف فرقتكم، بس قلب الأب عمره ما اتغير… زيارة صغيرة منك تقدر تفرّح قلبه وتخلي له الدنيا ليها طعم من تاني."
إنها دعوة مفتوحة لكل من يعرفها أو يستطيع إيصال الرسالة: والدك مشتاق إليك، وقلبه لا يزال مفعمًا بالحب والحنين.
ختامًا
جمال صالح ليس مجرد فنان قدّم أدوارًا ناجحة، بل هو إنسان عاش رحلته بصدق، وواجه الحياة بتواضع وإيمان. وما يحتاجه الآن ليس أكثر من لمسة وفاء، ووقفة تقدير، وزيارة من ابنة كانت يومًا كل دنياه.
الرحمة بالفنانين واجب مجتمعي، والوفاء للآباء مسؤولية لا تسقط بالتقادم.
التعليقات الأخيرة