سماح إبراهيم
في رحلة مليئة بالمفارقات، يقف تمثال آمون المصنوع من الذهب الخالص شاهدًا على واحدة من أكثر القصص المأساوية في عالم الآثار المصرية. التمثال، الذي يرجع إلى الأسرة الثانية والعشرين في مصر القديمة، يُجسد الإله آمون ممسكًا بسيف على شكل منجل، في دقة فنية مذهلة تعكس براعة المصريين القدماء في الجمع بين الفن والدين.
القصة بدأت عام 1917 حين عثر أحد الفلاحين في الأقصر على التمثال، لكنه لم يكن يدرك قيمته التاريخية والفنية. باعه لعالم الآثار البريطاني الشهير هوارد كارتر مقابل جنيه مصري واحد فقط، في وقت كانت مثل هذه القطع تمر دون تقدير حقيقي لثمنها الحضاري.
وبعد عقود، وتحديدًا عام 1983، ظهر التمثال في مزاد علني عالمي، حيث بيع بمبلغ ضخم وصل إلى 83 مليون دولار، ليكشف ذلك عن الفارق الهائل بين ما دُفع فيه أول مرة وبين قيمته بعد أن عُرفت أهميته التاريخية.
اليوم، يقف التمثال في متحف المتروبوليتان بنيويورك كجزء من مجموعة أثرية عالمية، بينما يظل رمزًا لفقدان مصر لعدد كبير من كنوزها التي خرجت في ظروف لم تراعِ قيمتها الحضارية.
هذا التمثال ليس مجرد قطعة أثرية، بل شهادة على براعة المصريين القدماء في صياغة الذهب وإبداعهم في إبراز ملامح عقيدتهم، وهو من أندر القطع التي تمثل التقاء الدين بالفن في مصر القديمة.
التعليقات الأخيرة