كتبت سماح إبراهيم
يعاني أهالي مركز نقادة بمحافظة قنا من غياب تام للخدمة الصحية منذ عام 2017، بعد إخلاء مستشفى نقادة المركزي بقرار رسمي، ونقل الخدمات إلى مستشفى طوخ التكاملي، وهو مبنى صغير لا يفي بمتطلبات الأهالي الصحية.
ورغم صدور 20 قرار إزالة لمباني المستشفى القديم، وتخصيص مليون ونصف جنيه لعمل المجسات والرسومات الهندسية، ثم 2 مليون جنيه لإعادة هذه المجسات لاحقًا، فوجئ المواطنون بتجميد المشروع.
لاحقًا، خُصص مبلغ 700 مليون جنيه لبناء المستشفى وفقًا لمواصفات التأمين الصحي الشامل، إلا أنه تم سحب الاعتماد المالي وتحويله إلى مستشفيات في دشنا ونجع حمادي وأبوتشت. ثم أعيد النظر مرة أخرى، وقررت الجهات المعنية إزالة المبنى القديم وبناء مستشفى جديد في نفس المكان، رغم أنه تم الإعلان سابقًا أن المساحة غير مطابقة للمواصفات.
وفي تطور لاحق، قررت لجنة هندسية جديدة أن المستشفى لا يحتاج إزالة، بل فقط إلى ترميم، وتم توقيع بروتوكول لترميمه بمبلغ 20 مليون جنيه، لتبدأ حلقة جديدة من التخبط.
وفي تصريح رسمي، أكد مصدر بمديرية الصحة أن قرار إزالة المستشفى صدر بتاريخ 27 مارس 2017، وتم تقديم الخدمة الصحية في مبنى طوخ التكاملي مؤقتًا. كما تم تشكيل لجنة معاينة بقرار المحافظ رقم 774 لتحديد مدى صلاحية المباني بعد تقدم أحد النواب بطلب إحاطة.
مأساة يومية ومعاناة في كل تفصيلة
الوضع الصحي المتاح حاليًا في المركز يقتصر على تحويل المرضى إلى مستشفى قنا العام، الذي يبعد أكثر من 50 كم عن القرى الجنوبية. لا يوجد بالمستشفى سوى جهاز أشعة قديم من الثمانينات، وتعاني الأقسام من نقص كبير في الأدوية والمستلزمات، ما يضطر المواطن لشراء كل ما يلزمه من الخارج.
وقد تسبب هذا الإهمال في حالات وفاة مأساوية، أبرزها وفاة الطفل سيف عادل حميد (11 عامًا)، الذي لدغته عقرب في قرية حاجر دنفيق، والتي تبعد 18 كم عن المستشفى، فتأخر حصوله على المصل اللازم حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.
كما أن الوحدة الصحية في حاجر دنفيق تم إخلاؤها منذ عام 2011 ونقلها إلى شقة بمنزل، ثم أُزيل المبنى بالكامل. تم الحفر لبناء وحدة جديدة قبل 4 سنوات، لكن العمل توقف وظلت الأرض كما هي حتى الآن، إلى جانب 7 وحدات صحية أخرى في المركز تفتقر لأدنى مستويات الخدمة.
المستشفى لا يواكب الكثافة السكانية
يبلغ عدد سكان مركز نقادة نحو 350 ألف نسمة، فيما أن المستشفى القديم صُمم لعلاج 10 آلاف شخص فقط منذ الاحتلال الإنجليزي، ولم يتم ترقيته للمرحلة (أ)، ولا توجد به رعاية مركزة أو أجهزة تشخيصية حديثة مثل الأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي.
نداء عاجل إلى الحكومة
يطالب أهالي نقادة:
بإعادة بناء مستشفى نقادة المركزي وفقًا لمواصفات التأمين الصحي الشامل.
وقف خطط الترميم التي تُهدِر المال العام على مبانٍ غير مؤهلة.
تشكيل لجنة من وزارة الصحة لمراجعة الوضع الصحي بالمركز والتحقيق في أسباب تأخر المشروع.
استكمال بناء وحدة حاجر دنفيق وبقية الوحدات الصحية المتوقفة.
"من حقنا نتعالج، واللي يتعب يلاقي مكان يليق به"، بهذه الكلمات يوجه أهالي نقادة استغاثتهم إلى الحكومة، مؤكدين أن تأمين الحق في العلاج ليس ترفًا، بل أبسط حقوق الإنسان.
التعليقات الأخيرة