add image adstop
News photo

العنزة التي تسببت في أعظم اكتشاف أثري في القرن الـ19: كنز الدير البحري الذي غيّر التاريخ

 

د. نادر على 

 

قبل حوالي 3000 سنة، وفي فترة كانت فيها سرقة المقابر الفرعونية منتشرة بشكل كبير، قرر الكهنة المصريون اتخاذ تدبير ذكي لحماية المومياوات الملكية من السرقات المتزايدة. فجمعوا مومياوات الملوك وكبار رجال الدولة، وقاموا بدفنها في منطقة سرية بعيدة عن الأنظار في الدير البحري، بهدف الحفاظ عليها للأبد بعيدًا عن الأيدي العابثة.

 

في عام 1871، كان محمد وأحمد عبد الرسول، شقيقان من قرية قريبة، يستمتعان بيوم هادئ في منطقة الدير البحري بالأقصر، ومعهم عنزتين. وبينما كان أحداهما ترعى بين الصخور، ضلت طريقها وسقطت في حفرة عميقة. قرر الأخوان النزول لإحضارها، لكن ما اكتشفاه كان أغرب بكثير مما توقعت عقولهم. فقد وجدوا أنفسهم في غرفة مغلقة منذ 3000 سنة، مليئة بالعشرات من التوابيت، المئات من التماثيل، والقطع الأثرية النادرة.

 

تفاجأ الأخوان بحجم الاكتشاف، وقررا الاحتفاظ بالسر بينهم. على مدار عشر سنوات، كانوا يعودون سرًا إلى المقبرة لاستكمال نهب المقتنيات الأثرية القيمة، مثل التماثيل الذهبية وأوراق البردي، وبيعها إلى الأجانب. لكن في عام 1879، وصل الخبر إلى "غوستاف ما سبيروا"، مدير الآثار المصرية في ذلك الوقت، الذي بدأ في التحقيق. وعقب محاولة القبض على الأخوين، تم إطلاق سراحهما بسبب نقص الأدلة، إلا أن الوضع لم يدم طويلًا.

 

عقب خلافات بين الشقيقين، قرر محمد عبد الرسول الاعتراف بكل شيء، وقام بإبلاغ السلطات. وعندما تم التوجه إلى المكان، كانت المفاجأة الكبرى: عثروا على أكثر من 50 مومياء في توابيت، كان من بينها مومياوات لملوك مصر العظام مثل الملك أحمس، تحتمس الثالث، رمسيس الثاني، وسيتي الأول. كما تم العثور على مئات من التماثيل الذهبية وأوراق البردي، مما جعل الاكتشاف واحدًا من أعظم الكنوز الأثرية في التاريخ.

 

في عام 1881، تم نقل هذا الكنز الثمين إلى القاهرة تحت حراسة مشددة، باستخدام أكثر من 300 عامل لإتمام عملية النقل. رغم أن هذا الاكتشاف كان مذهلاً، إلا أنه ظل يُعتبر أعظم اكتشاف في تاريخ مصر حتى تم العثور على مقبرة توت عنخ آمون في عام 1922. وكانت المفاجأة الحقيقية أن هذه القصة المدهشة كانت البداية لرحلة طويلة من الاكتشافات التي تغيّرت على إثرها مفاهيمنا عن تاريخ مصر القديمة، وكانت بداية واحدة من أروع الحكايات التي بدأت مع عنزة ضلت طريقها بين الصخور.

 

التعليقات الأخيرة

اترك تعليقًا

الأعلى