د. نادر على
في قلب حضارة مصر القديمة، التي كانت دائمًا سبّاقة في الكثير من المجالات، نجد مثالًا مبهرًا في طريقة تعاملها مع ذوي الاحتياجات الخاصة. فقد أظهرت مصر القديمة نهجًا فريدًا في إدماج الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في مختلف نواحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية. هذا الإدماج لم يكن فقط تطورًا اجتماعيًا، بل كان أيضًا موجهًا نحو الاستفادة من قدرات الأفراد في مختلف المجالات، بل وتوظيف هذه القدرات بشكل مبتكر.
القصص التي تبرز هذا الدمج المبكر تشمل:
1. الأقزام في مصر القديمة:
كان للأقزام مكانة خاصة في المجتمع المصري القديم، حيث تم توظيفهم في صناعة المشغولات الذهبية. كانت أيديهم الصغيرة والمرنة تعد ميزة كبيرة في دقة التشكيل وصياغة المجوهرات، ما جعلهم جزءًا لا يتجزأ من هذه الحرفة الرفيعة. هذا لا يعكس فقط الإدراك المبكر لأهمية قدرات الأفراد بغض النظر عن إعاقاتهم، بل يظهر أيضًا كيف استفاد المجتمع من تنوع المهارات.
2. المناصب الإدارية الرفيعة:
أحد أشهر الأشخاص الذين تولوا مناصب إدارية عليا كان "خنوم حتب"، الذي كان مشرفًا عامًا على توريد الكتان. وعلى الرغم من صغر حجم جسمه، كان يمتلك مهارات تنظيمية وإدارية جعلته مناسبًا لهذا المنصب الحيوي الذي كان يتطلب دقة عالية في العمل والإشراف على محصول استراتيجي في مصر القديمة.
3. المكفوفين والفن:
كانت هناك تقدير خاص للمكفوفين في مصر القديمة، حيث تم توظيفهم في مجالات الفن والموسيقى. وكان المكفوفون يعزفون على آلات موسيقية مثل الهارب والناي، وهي آلات تتطلب حسًا موسيقيًا عاليًا. قد يكون هذا ناتجًا عن الاعتقاد بأن المكفوفين يطورون حواسًا أخرى بشكل أكبر، مثل السمع واللمس، مما يمنحهم قدرة أفضل على الإبداع الموسيقي. وهو ما نجد له تطبيقًا في فنانين عظماء مثل عمار الشريعي وسيد مكاوي، الذين تحدوا ظروفهم وأبدعوا
في الموسيقى.
التعليقات الأخيرة