بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم أما بعد إن الطلاق من أبغض الحلال إلى الله تعالي، كما في الحديث "أبغض الحلال إلى الله الطلاق" ولكن لما كان حلا للمشكلة كان فيه خير، وإلا فالأصل أن عدمه أولى، لكن إذا دعت إليه الحاجة كان مستحبا، وربما كان واجبا، وإن شرع الله تعالي حث المسلم على الإقلال من الطلاق وعدم التلاعب به، فلا ينبغي للمسلم أن يكون الطلاق على لسانه دائما، ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال.
"ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد، النكاح والطلاق والرجعة" بمعنى أن من طلق وزعم أنه هازل ولاعب ولم يرد حقيقة الطلاق لا يقبل ذلك منه لأن الطلاق المعتبر فيه النطق باللسان إذا كان الناطق به بالغا عاقلا يدرك ما يقول، فلا يعذر بقوله أنه تلاعب بالطلاق وأظهره من باب المزاح، لا، فإن جده جد وهزله جد، فلا فرق بين هازله وجادة إذن فالمسلم لا يتلفظ بالطلاق، ويبتعد منه خشية أن يقع الطلاق موقعه، وإن شريعة الإسلام جعلت الطلاق على مراحل ثلاث، فيقول الله جل وعلا " الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" فإنه إذا طلقها الطلقة الأولى شرع له أن يبقيها في منزله وأن لا يخرجها منه، كما قال تعالى في سورة الطلاق " لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة"
ثم قال تعالي " لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا " فلعل الطلاق وقع في حالة غير متروي فيها، فيندم مع بقاء المرأة عنده، فتتغير الأمور بتوفيق من الله، ثم إذا انقضت العدة الأولى وطلق الثانية أيضا فلعل خطأ منه أو منها فيزول، وإذا طلقها الثالثة عُلم أن الأمر لا فائدة فيه ولا في بقائهما، فعند ذلك تحرم عليه إلا بعد نكاح زوج آخر عن رغبة لا تحليلا، ولذا حرم الشارع جمع الثلاث بلفظ واحد، فقيل أنه طلق رجل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم امرأته ثلاثا، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال " أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟" حتى إن رجلا قال "يا رسول الله، أأقتله؟" ولقد شرع الله تعالي وحرّم على المسلم أن يطلق امرأته في طهر قد جامعها فيه، فلعلها أن تحمل فيطول الأمر عليها، ثم يندم إذا حملت، فقد زل لسانه بهذا الطلاق.
كما حرم عليه الشارع أن يطلقها وهي حائض، كل ذلك لأجل أن لا تطول المدة عليها، ولأجل أن لا يكون سببا لافتراقهما لأنها إن كانت حائضا فلا يحل له مضاجعتها، فربما كره مستقبلا، فشرع له أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه، أو يطلقها حاملا قد إستبان حملها، فاللهم يا رب أعز الإسلام والمسلمين، ودمر الشرك والمشركين وانصر عبادك الموحدين، واحم بلادنا وسائر بلاد المسلمين من كل سوء، اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بسوء فاردد كيده في نحره، واجعل تدبيره في تدميره، وانصر اللهم قادتنا وولاة أمورنا، ومكن لهم في الأرض ما مكنت لعبادك الصالحين، وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين، واذكروا الله العلي العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، وصلوا وسلموا على نبي الهدى ورسول الرحمة صلى الله عليه وسلم.
التعليقات الأخيرة