بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 1 سبتمبر 2024
الحمد لله الذي جعل لنا الصوم حصنا لأهل الإيمان والجنة، وأحمد سبحانه وتعالى وأشكره، بأن من على عباده بموسم الخيرات فأعظم المنة ورد عنهم كيد الشيطان وخيب ظنه، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، شهادة تؤدي لرضوانه والجنة، يقول الإمام بن القيم رحمه الله الصدق ثلاثة أقسام هو صدق في الأقوال، وصدق في الأعمال، وصدق في الأحوال، فيا أخي الكريم سل نفسك ماالذي يجعلك تخالف الصواب في قولك وفعلك أحيانا؟ وكم مرة تقع في ذلك يوميا؟ وهل تذكرت آية المنافق "إذا حدّث كذب؟" وهل أخذت على نفسك عهدا ألا تقع في دائرة الكذب مهما كانت الظروف ومهما أضرّ بك الصدق وليس بفاعل ؟ فيا أخي الكريم اصدق القول والفعل تفز برضوان الله تعالى ولايضيرك ما يقول الناس عنك أنه لابد من المجاملات الكاذبة.
كي نتربع في قلوب الناس على حساب دخولنا في دائرة الوعيد، وافتح صفحة صدق بيضاء نقية ليس من الغد بل من هذه اللحظة وارفع شعار الصدق في كل حين حتى تلقى ربك به، ومايزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صدّيقا، وأنت صدّيق بإذن الله تعالى، واعلم بأن أعظم ما في الصدق أنه يقود صاحبه إلى الجنة، وهذا هو الفوز العظيم حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنا زعيم بيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا" فهذا هو الربح الأوفر لأهل الصدق، وأي ربح أعظم من الجنة، لكن يبقى أن تسأل نفسك ما هو نصيبك من هذا الخير العظيم؟ فإنه ما زاد نصيب الرجل في الصدق إلا وقلّ نصيبه من الكذب، والعكس كذلك، وقد قالوا قد يكذب الصدوق، أي نادرا ولكن لا يصدق الكذوب.
فأسأل الله تعالى أن يجعلنا مع الصادقين وأن يحشرنا معهم وأن يعصمنا من الكذب والزلل، وكما إنه ينبغي على الموظف والمرءوس وعلى العامل والخادم أن يؤدي كل منهم العمل المناط به على أكمل وجه وأحسنه، فذلك من الأمانة ولا بد أن يستنفد جل وقته وكل جهده في إكمال عمله وتحسينه، أما من فرط في أداء عمله المنوط به، كمن يسرق من المال العام، أو يبيع سلعة رخيصة بثمن باهض ويأخذ الباقي دون علم صاحب العمل، أو من يقوم بإستخدام آلات العمل وأجهزته ومعداته من أجل مصالحه الشخصية، أو من يأخذ شيئا من عمله لبيته أو لغيره دون إذن مسبق أو يؤخر معاملات المسلمين من أجل حفنة قذرة من أوساخ الدنيا، فتلك الأعمال وغيرها من السرقة والغلول والعياذ بالله، قال تعالى فيها " ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة "
واعلموا إن خيانة الأوطان كما يطلق عليها هي الخيانة العظمى وذلك لما يترتب عليها من إهلاك للحرث والنسل، وتهديد لكيان الوطن بأكمله فهي ليست كغيرها من الخيانات، وبالتالي لا بد وأن تكون عقوبتها من أغلظ العقوبات، ويقول الإمام الذهبي حين قال "الخيانة قبيحة في كل شيء، وبعضها شر من بعض، وليس من خانك في فلس كمن خانك في أهلك ومالك وارتكب العظائم" وقال الإمام القرطبي في تفسير قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة " قال "من كثر تطلعه على عورات المسلمين، وينبه عليهم ويعرف عدوهم بأخبارهم، لم يكن بذلك كافرا إذا كان فعله لغرض دنيوي، واعتقاده على ذلك سليم كما فعل حاطب حين قصد بذلك اتخاذ اليد، ولم ينوي الردّة عن الدين"
وقال أيضا إذا قلنا لا يكون بذلك كافرا، فهل يقتل بذلك حدا أم لا؟ اختلف الناس فيه فقال مالك وابن القاسم وأشهب يجتهد في ذلك الإمام، وقال عبدالملك إذا كانت عادته تلك، قتل لأنه جاسوس، وقد قال مالك بقتل الجاسوس، وهو صحيح لإضراره بالمسلمين، وسعيه بالفساد في الأرض، ولعل ابن الماجشون إنما اتخذ التكرار في هذا لأن حاطبا أخذ في أول فعله" والله أعلم.
التعليقات الأخيرة