بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الجمعة الموافق 16 أغسطس 2024
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ثم أما بعد، ها هي الدنيا تزيد فتنتها، وتكثر مشاغلها، وتتضاعف متطلباتها، وبركة الوقت لا تكاد توجد، والناس منشغلون في أعمالهم، غارقون في خضم هذه الدنيا، منهم من وصل المناصب العليا والمراكز المرموقة، ومنهم من كان دون ذلك، وهم كلهم وعلى إختلاف مستوياتهم وطبقاتهم لا غنى لبعضهم عن بعض، كما قال الشاعر الناس بالناس ما دام الحياة بهم، والدهر لا شك تارات وهبات، فحاجة الناس لبعضهم أمر لا بد منه، لكن من الناس من أنعم الله عليه ووسع عليه في الرزق.
يستطيع أن يقضي حاجاته من خلال استئجار من يقضيها له، ومنهم من قُدِر عليه رزقه لا يملك القدرة على ذلك، وقد لا يملك الوقت أيضاً لانشغاله بوظيفة أو عمل طويل ونحو ذلك، ومن الناس من كانت له كلمة عند ذوي السلطان يستطيع بها القيام لإخوانه المسلمين بشفاعة حسنة، ينال أجرها عند الله تعالى، لكن قطاعا من المسلمين اليوم يجهلون ما في قضاء حوائج إخوانهم المسلمين من الأجر عند الله، أو يعلمون ولكنهم يغفلون عن ذلك، فلا يلتفتون إلى إخوانهم ولا يساعدونهم ولا يشفعون لهم، والبعض منهم لا يساعد إلا من يرى أن بإمكانه الاستفادة منه في حاجة من حاجاته، أما من لا يستفيد منه فلا يقضي له حاجة ولا يشفع له بشفاعة، لأن القضية عنده تتعلق بالدنيا فقط، وهي دين ووفاء كما يقولون.
وأما المؤمنون فلهم شأن آخر، إذ يتعاملون في هذه القضية مع الله تعالى فتجد الواحد منهم لا ينتظر أخاه حتى يتملقه ليقضي حاجته بل يبادر بنفسه دون طلب من أخيه، فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يحلب للحي أغنامهم فلما استخلف قالت جارية منهم الآن لا يحلبها، فقال أبو بكر وإني لأرجو ألا يغيرني ما دخلت فيه وهو يعني الخلافة عن شيء كنت أفعله أو كما قال، وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتعاهد الأرامل فيسقي لهن الماء بالليل، ورآه طلحة بالليل يدخل بيت امرأة، فدخل إليها فإذا هي عجوز عمياء مقعدة فسألها ما يصنع هذا الرجل عندك؟ قالت هذا له منذ كذا وكذا يتعاهدنا يأتيني بما يصلحني ويخرج عني الأذى، فقال طلحة ثكلتك أمك يا طلحة عثرات عمر تتبع.
وذاك عبد الله بن عثمان شيخ البخاري يقول ما سألني أحد حاجة إلا قمت له بنفسي فإن تم وإلا استعنت له بالسلطان، فما الذي حملهم على ذلك؟ إنه الإيمان الصادق بوعد الله تعالى إذ يقول سبحانه " من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها " وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أتاه السائل أو صاحب الحاجة قال "اشفعوا فلتؤجروا وليقض الله على لسان رسوله ما شاء" رواه البخاري، وقال شيخ الإسلام ابن كثير في قوله تعالي "من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها" أي من يسعى في أمر فيترتب عليه خير كان له نصيب من ذلك " بل إن الله يقضي حاجة من يقضي حوائج إخوانه كما أخبر الصادق المصدوق محمد صلى الله عليه وسلم "ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته" رواه البخاري.
التعليقات الأخيرة