add image adstop
News photo

أهمية المناورات البحرية الصينية - الروسية المشتركة بعد إتهامات حلفاء الناتو لبكين

تحليل الدكتورة/ نادية حلمى

الخبيرة المصرية فى الشؤون السياسية الصينية والآسيوية- أستاذ العلوم السياسية جامعة بنى سويف

 

  نفذت القوات البحرية الصينية والروسية، الأحد ١٤ يوليو ٢٠٢٤، مناورات مشتركة فى ميناء عسكرى بجنوب الصين، وتحديداً فى إقليم “قوانغدونغ” جنوبى الصين، بعد أيام من وصف حلفاء الناتو لبكين بـ ”العامل الحاسم” فى الصراع. الحرب في أوكرانيا. كما أعلنت وزارة الدفاع الروسية، السبت ١٣ يوليو ٢٠٢٤، عن وصول سفينتين حربيتين روسيتين من فئة "ستيرغوشيشى" إلى شواطئ مدينة تشانجيانغ جنوبي الصين، للمشاركة فى مناورات عسكرية بحرية مع الصين.

 

   مع تأكيد وزارة الدفاع الروسية، عبر منشور رسمي بشأن التدريبات البحرية مع الصين، أن: “السفينتين “غرومكى” و”ريزكى” أى “الصاخبة” و ”المفاجأة” الروسية، ستشاركان فى التدريبات البحرية المشتركة”. التعاون البحرى – ٢٠٢٤” مع نظرائهم الصينيين". مع التأكيد الروسى على أن: “بحارة البلدين سيتدربون فى الصين وروسيا على مهام الإنقاذ فى البحر، وسيجرون مناورات مشتركة للدفاع الجوي ومناورات مضادة للغواصات بمشاركة الطيران البحرى المضاد للغواصات الصينى التابعة لجيش التحرير الشعبى الصينى.

 

 

 وذكرت وزارة الدفاع الصينية، فى بيان مقتضب، أن قوات من الجانبين الصينى والروسى قامت بدوريات فى غرب وشمال المحيط الهادئ، وأن العملية لا علاقة لها بالأوضاع الدولية والإقليمية ولا تستهدف أى طرف ثالث. كما ذكرت هيئة الإذاعة والتلفزيون الصينية الرسمية أن المناورات العسكرية البحرية الصينية الروسية، التى بدأت فى مقاطعة قوانغدونغ، من المتوقع أن تستمر حتى منتصف يوليو ٢٠٢٤، وتهدف إلى إظهار قدرات القوات البحرية الصينية الروسية فى مواجهة الأمن والتهديدات والحفاظ على السلام والإستقرار على الصعيدين العالمى والإقليمى، كما أنها ستشمل التدريب على مكافحة الصواريخ والضربات البحرية والدفاع الجوي، مع التأكيد على أن القوات البحرية الصينية والروسية أجرت تدريبات محاكاة عسكرية على الخريطة وتدريبات تنسيق تكتيكى بعد حفل الإفتتاح فى (مدينة تشانجيانغ) فى الصين.

 

  وفى رأيى أن المناورات المشتركة بين الصين وروسيا جاءت فى أعقاب التوترات الأخيرة بين الصين وحلفاء الناتو. خاصةً بعد صدور البيان الختامي شديد اللهجة، الذي وافقت عليه الدول الأعضاء الـ ٣٢ فى حلف شمال الأطلسى في قمتها بواشنطن، بأن الصين أصبحت محور إهتمام حلف الناتو العسكرى، واصفة بكين بأنها "عامل حاسم" في الحرب الروسية ضد أوكرانيا. وهنا، يتهم الأعضاء الأوروبيون وأمريكا الشمالية وشركاؤهم العسكريون فى حلف شمال الأطلسي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، بأن هناك مخاوف أمنية مشتركة بشكل متزايد بشأن تدخلات الصين. وفي بيان شديد اللهجة، أعرب أعضاء الناتو عن مخاوفهم بشأن ترسانة بكين النووية وقدراتها في الفضاء، وحذروها من الدور الذي تلعبه فيما يتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية.

 

   وخلال الإجتماعات الأخيرة للحلف الأطلسى، إتهم قادة الناتو فى مواجهة الصين بلعب دور “حاسم” فى الحرب الروسية ضد أوكرانيا، معتبرين أن تعميق علاقاتها مع موسكو يشكل “مصدر قلق عميق”، فيما إعتبر الأكثر خطورة توبيخ من التحالف ضد بكين. كما سلط البيان الختامى للحلف الذي أقرته الدول الأعضاء (٣٢) فى قمة واشنطن، الضوء على المخاوف بشأن ترسانة بكين النووية وقدراتها فى الفضاء. وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسى “ينس ستولتنبرغ”: “أعتقد أن الرسالة التى بعث بها الناتو من هذه القمة قوية للغاية وواضحة للغاية، ونحن نحدد بوضوح مسؤولية الصين عندما يتعلق الأمر بتمكين روسيا من خوض الحرب”.

 

   كما كانت هناك إتهامات من المسؤولين العسكريين الأمريكيين تجاه الصين خلال الإجتماع الأخير لحلف شمال الأطلسي في واشنطن في يوليو ٢٠٢٤، بأن زورقاً لخفر السواحل الأمريكية كان يقوم بدورية روتينية فى (بحر بيرنغ) بداية يوليو ٢٠٢٤، واجه أيضاً عدة قوارب وسفن عسكرية صينية فى المياه الدولية داخل المنطقة الإقتصادية الأمريكية الحصرية. وإكتشف طاقم البحرية الأمريكية وجود (ثلاث سفن صينية) على بعد نحو ٢٠٠ كيلومتر شمال (ممر أمشيتكا فى جزر ألوشيان)، وهو ما يمثل نقطة فاصلة ووصلة بين شمال المحيط الهادئ وبحر بيرنغ. مع تأكيد البحرية الأمريكية أنها رصدت سفينة صينية رابعة على بعد نحو ١٣٥ كيلو متراً شمال “ممر أمكتا”، قرب الحدود البحرية الأمريكية، الأمر الذى أثار حفيظة واشنطن ومخاوفها. ولذلك فإن إجتماعات الناتو الأخيرة فى واشنطن فى يوليو ٢٠٢٤، جاءت بمثابة "تصفية حسابات أميركية ضد بكين"، بحسب قراءتى للمشهد السياسى والعسكرى العام وكواليس إجتماعات الناتو الأخيرة.

 

   خلال إجتماع الناتو في واشنطن في يوليو ٢٠٢٤، حث البيان الأخير لحلف شمال الأطلسي الصين على “وقف جميع أشكال الدعم المادى والسياسى للمجهود الحربى الروسى”، في إشارة إلى الدور الداعم الواسع لـ “القاعدة الصناعية الدفاعية الروسية”. ويشمل ذلك نقل المواد الصينية ذات الإستخدام المزدوج إلى روسيا، مثل: مكونات الأسلحة والمعدات والمواد الخام التي تستخدم كمدخلات لقطاع الدفاع الروسى.

 

    ورداً على الإتهامات الأمريكية، إتهمت الصين حلف شمال الأطلسى بالسعى لتحقيق الأمن على حساب الآخرين، وطالبت الحلف بعدم التسبب فى نفس الفوضى فى آسيا. وأكدت وزارة الخارجية الصينية أن الصين لديها موقف عادل وموضوعى بشأن الحرب في أوكرانيا. ومن ناحية أخرى، تنفي بكين تقديم مساعدات عسكرية مباشرة لروسيا، وتصر على أنها حافظت فقط على علاقات تجارية قوية مع جارتها طوال الصراع. وعبرت وزارة الخارجية الصينية عن إستيائها من إهتمام الناتو المتزايد بآسيا، وطالبت الحلف بالإبتعاد عن منطقة آسيا والمحيط الهادئ وعدم التحريض على المواجهة. وقالت بعثة بكين لدى الإتحاد الأوروبى إن القمة كانت “مليئة بعقلية الحرب الباردة والخطاب العدائى”. وقالت فى بيان: “الفقرات المتعلقة بالصين إستفزازية وفيها أكاذيب وتشويهات واضحة”.

 

   كما إتهم البيان الختامى لحلف شمال الأطلسى الصين بالوقوف وراء الأنشطة الإلكترونية والهجينة الخبيثة والمستمرة، بما فى ذلك التضليل. كما دق البيان الختامى ناقوس الخطر من أن الصين تقوم بسرعة بتوسيع وتنويع ترسانتها النووية بالمزيد من الرؤوس الحربية وعدد أكبر من أنظمة الإطلاق المتقدمة.

 

وهنا قال "دانى راسل" مساعد وزير الخارجية الأمريكى الأسبق لشؤون آسيا: "إنها علامة على فشل محاولة بكين التفريق بين روسيا وأوروبا الغربية ومطالبتها بالحياد"، مضيفاً: "إن محاولات الصين للتقسيم عبر سياسة "فرق تسد" أدت إلى تفاقم هذه المشكلة". وبدلاً من ذلك، أدى ذلك إلى تضامن ملحوظ بين الدول الرئيسية فى المنطقتين الأوروبية الأطلسية وآسيا والمحيط الهادئ.

 

  وجاء الرد الصيني القوى أمام إتهامات من حلف شمال الأطلسى (الناتو) العسكرى، بقيادة واشنطن وحلفائه فى الغرب، بأن القوات الصينية أجرت مناورات عسكرية مشتركة مع دولة بيلاروسيا، حليفة روسيا، فى يوليو ٢٠٢٤.  

 

  ولذلك، إعترضت (وزارة الدفاع البولندية)، بإعتبارها حليفة لواشنطن والغرب فى مواجهة روسيا والصين، عبر بيان بولندى، قائلة: "إننا ندرك جيداً خطورة إستخدام العمليات العسكرية البحرية الصينية المذكورة آنفاً لصالح ولأغراض التضليل والدعاية”. مع الأخذ فى الإعتبار أن بولندا عضو فى حلف شمال الأطلسى وتدعم كييف.

 

    ولذلك، واجهها الرد الصينى الحاسم على هذه الإتهامات الأمريكية والغربية من أعضاء حلف شمال الأطلسى (الناتو)، من خلال إجراء الصين مناورات مشتركة مع بيلاروسيا، حليفة روسيا، لكن هذه هي المرة الأولى منذ الحرب الروسية الأوكرانية فى فبراير ٢٠٢٢. وهذه المناورات، بدأت بين الصين وبيلاروسيا، والتى تسمى “هجمات الصقور”، يوم الإثنين ٨ يوليو ٢٠٢٤، ومن المقرر أن تستمر حتى منتصف يوليو، حيث قالت وزارة الدفاع الصينية إنها تأمل فى تعميق التعاون مع العاصمة البيلاروسية “مينسك” فى مواجهة أى تهديدات.

 

    ومن خلال التحليل والفهم السابق للموقف العام بين روسيا والصين من جهة، ودول حلف شمال الأطلسي (الناتو) من جهة أخرى، وعلى رأسها واشنطن، نفهم أن هذه المناورات البحرية الصينية الروسية والصينية البيلاروسية جاءت فى وقت يحمل أهمية كبيرة. حيث بدأت الصين وروسيا مناورات بحرية مشتركة تحت إسم “التفاعل البحري ٢٠٢٤” على طول الساحل الجنوبي للصين، ومن المقرر أن تستمر حتى ١٧ يوليو ٢٠٢٤، وتتضمن عمليات محاكاة للتعامل مع هجمات مضادة للطائرات ومضادة للغواصات وتنفيذ عمليات بحرية مهمات الإنقاذ. وتتزامن هذه التدريبات الجديدة بين الصين وروسيا مع مناورات عسكرية صينية بيلاروسية منفصلة أخرى تستمر ١١ يوماً قرب (مدينة بريست) على الحدود مع بولندا وأوكرانيا. تم إطلاقها بعد أيام من إنضمام مينسك إلى منظمة شنغهاى للتعاون، ووصفها الأمين العام لحلف شمال الأطلسي. وهنا وصفها "بينس ستولتنبرغ" بأنها "تظهر كيف تقترب الصين أكثر من أي وقت مضى من حدود التحالف". 

 

   وبناءً عليه، فإننا نفهم أن هذه المناورات العسكرية البحرية الصينية الروسية والصينية البيلاروسية، هى تأكيد لهذا الخطر المتزايد الذى تمثله الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها فى حلف شمال الأطلسى فى مواجهة التحالف القوى الذي

يجمع الصين وروسيا.

التعليقات الأخيرة

اترك تعليقًا

الأعلى