كتبت : سماح رجب
في خطوة مفاجئة وغير تقليدية في عالم الدبلوماسية الدولية، توجه الرئيس الصيني شي جين بينغ مرة أخرى إلى كازاخستان، لكن هذه المرة ليس عبر القنوات المعتادة ولا بناءً على دعوة رسمية روتينية، بل بدعوة شخصية مباشرة تلقاها من نظيره الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف، الذي اتصل به شخصيًا لتوجيه الدعوة، متجاوزًا الإجراءات البروتوكولية التقليدية المعتمدة في التواصل بين الرؤساء.
تحرك دبلوماسي "خارج النص"
وصف مراقبون هذا التحرك بأنه "خارج النص الدبلوماسي المعتاد"، مما يشير إلى عمق خاص في العلاقة بين الزعيمين، وتطور نوعي في مستوى التنسيق بين بكين وأستانا في ملفات إقليمية ودولية حساسة.
ففي الوقت الذي تعتمد فيه الصين عادةً على تراتبية صارمة في التواصل الرسمي، فإن قبول شي جين بينغ دعوة مباشرة غير رسمية يكشف عن أهمية استراتيجية غير مسبوقة توليها بكين لهذه الزيارة، وربما ملفات عاجلة تتطلب تنسيقًا سريعًا خلف الأبواب المغلقة.
ماذا وراء الدعوة الشخصية؟
بحسب مصادر مطلعة في آسيا الوسطى، فإن الاتصال المباشر من توكاييف بشي جاء في سياق تحركات إقليمية متسارعة، تتعلق بـ:
تطورات أمنية على حدود كازاخستان.
تغيرات في ممرات الطاقة والتجارة العابرة للصين.
رغبة كازاخستان في لعب دور أكبر في مبادرة "الحزام والطريق"، خصوصًا في ظل التوترات الجيوسياسية العالمية.
ويشير بعض المحللين إلى أن كازاخستان تسعى للتموضع مجددًا كحلقة ذهبية بين موسكو وبكين، خاصة بعد الضغوط الغربية على روسيا، ومحاولة أستانا الحفاظ على توازن استراتيجي دون خسارة عمقها الصيني.
زيارة تحمل أبعادًا أبعد من الثنائية
ورغم أن الزيارة تبدو في ظاهرها ثنائية، إلا أن مضمونها يعكس:
توسيع النفوذ الصيني في آسيا الوسطى مقابل تراجع تأثير واشنطن.
إعادة صياغة تحالفات الطاقة والبنية التحتية في ظل التحديات الاقتصادية العالمية.
إشارة سياسية من شي بأن الصين قادرة على التحرك بحرية في محيطها الاستراتيجي دون الحاجة لتنسيق بروتوكولي دائم.
زيارة مفاجئة... لكن مدروسة
المثير في الأمر ليس فقط طريقة توجيه الدعوة، بل أيضًا سرعة استجابة القيادة الصينية، حيث تمت الترتيبات بسرية ملحوظة، ولم تُعلن تفاصيل الزيارة إلا بعد مغادرة شي الأجواء الصينية، في إشارة إلى درجة الأهمية والحساسية.
ويُنتظر أن تتناول المباحثات ملفات متعددة منها:
مشاريع الربط السككي بين البلدين.
أمن الحدود ومكافحة التطرف في الإقليم.
التوسع في الاستثمارات الصينية في البنية التحتية الكازاخية.
الندى نيوز تتابع...
تبقى هذه الزيارة واحدة من أكثر التحركات الدبلوماسية الصينية غرابة وعمقًا في السنوات الأخيرة، وستفتح - بلا شك - فصلاً جديدًا في العلاقات الصينية-الكازاخية، وربما تشكل نواة لتكتل أوسع في وجه التحولات الجيوسياسية المتسارعة.
التعليقات الأخيرة