بقلم د/سماح عزازي
قصة الحاج عامر القذافي تفتح باب التأمل
هل للعبد خبيئة لا يعلمها إلا الله؟
شهد مطار سبها الليبي خلال موسم الحج لهذا العام واقعة إنسانية أثارت تفاعلًا واسعًا، بعد أن تم منع الحاج الليبي عامر القذافي من السفر بسبب خلل تقني في منظومة الأسماء الأمنية، ليغادر رفاقه بدونه.
غير أن الطائرة عادت مرتين، في مشهد بدا خارج حسابات المنطق البشري، لكن في أعماقه رسالة روحية لا تخطئها القلوب: إن لك عند الله خبيئة، فإن الله لا يضيعها.
قصة تستوقف القلوب قبل العقول
غادرت الطائرة المتجهة إلى الأراضي المقدسة، فيما بقي عامر في المطار مكسور الخاطر، يحاول الوصول لأي مسؤول يُزيل عنه هذا المانع التقني. فجأة، عادت الطائرة إلى المطار بسبب عطل مفاجئ في التكييف.
ظن البعض أنها مجرد مصادفة، لكن حين غادرت الطائرة مرة أخرى، ثم عادت لنفس السبب، بدأت التساؤلات:
هل ثمة شيء يُدبَّر لهذا الرجل من السماء؟
في المرة الثالثة، تم حل الخلل الأمني، وصعد الحاج عامر إلى الطائرة، وعيونه تغالب الدمع. لقد عاد الأمل، لا عبر الأبواب الرسمية، بل من بابٍ أوسع: باب الله.
خبيئة العبد عند ربه لا تضيع
الشيخ عبدالله الهادي البرغثي، أحد مشايخ الجنوب الليبي، علّق على الواقعة بقوله:
"هذه الحادثة تذكرنا بقوله تعالى: "ومن يتقِ الله يجعل له مخرجًا، ويرزقه من حيث لا يحتسب". أحيانًا لا يكون للعبد حول ولا قوة، فيتولى الله أمره إذا كانت نيّته خالصة، ودعاؤه صادقًا. وربما كان لعامر عمل خفيّ، أو دعوة في السِّر، لم تُرد السماء إلا أن تستجاب."
"النية الصالحة، والصدق، والرجاء، كلّها مفاتيح لأبواب الغيب. فكم من أناس لديهم الإمكانيات ولا يُكتب لهم الحج، وكم من مكسور القلب يُساق إلى بيت الله بقدر لا يخطر على بال بشر."
معجزة صغيرة وسط روتين جامد
أما الباحث الاجتماعي د. سامي المجدوب، فقد رأى في الحادثة "رسالة رمزية ضد النظام البيروقراطي القاسي"، وقال:
"عامر لم يُمنع بسبب إرهاب أو خطر، بل بسبب خطأ في منظومة إلكترونية. ورغم ذلك، لم تُحل مشكلته بالسرعة المطلوبة. لكن هذه القصة تُظهر كيف أن الإرادة الإلهية قد تعيد تشكيل الواقع، حتى داخل أكثر النظم انغلاقًا."
واضاف
"ثمة بُعد إنساني أيضًا؛ أن نُحسن الظن في من لا نعرفهم، فربما كانت لديهم في السماء منزلة لا نراها على الأرض."
حين تعود الطائرة من أجلك وحدك...
قصة الحاج عامر القذافي ليست مجرد خلل فني، بل تجربة إيمانية حية. تذكّرنا أن لله عبادًا يختبرهم في النية، ثم يرفعهم في التمكين.
قد تكون لك خبيئة صالحة، فلا تيأس من تأخر السفر، أو تعطيل الأحلام...
فإن الله الذي أعاد الطائرة مرتين من أجل قلب صادق، لن ينسى دعاءك، ولو طال الطري.
التعليقات الأخيرة