add image adstop
News photo

اعتقها فإنها مؤمنة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الجمعة الموافق 23 أغسطس 2024

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ثم أما بعد، لقد كان الصحابة الكرام رضوان الله تعالي عليهم أجمعين يقومون بالندم الشديد على المعصية، فالصحابة رضي الله عنهم، إذا ارتكب أحدهم ذنبا، ندم على ذلك، واستشعر مغبة ذلك الذنب، وخاف من تبعاته، وظهر أثر هذا الخوف والندم، في التعبير عما فعل بعبارات قوية، فقال الصحابي الذي وقع على امرأته في رمضان هلكت، وفي رواية ثانية احترقت، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله وفيه الندم على المعصية، وإستشعار الخوف، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

"من لطم مملوكه أو ضربه، فكفارته أن يعتقه" رواه مسلم، والصحابة رضي الله عنهم قد يغضب أحدهم على أحد مماليكه، وقد يضربه، لكنه يسارع بفعل ما يكون كفارة لما قام به، فيعتق من قام بضربه من مماليكه، ومن الصحابة الذين قاموا بذلك ابن عمر رضي الله عنه، فقد أعتق مملوكا، وأخذ من الأرض عودا، وقال ما فيه من الأجر ما يساوي هذا، إلا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من لطم مملوكه أو ضربه، فكفارته أن يعتقه" رواه مسلم، وقال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله قول ابن عمر رضي الله عنهما "ما فيه من الأجر ما يسوى هذا" يعني أنني لا أريد بذلك البر والتقرب إلى الله عز وجل ولكن أريد بذلك زكاة نفسي، ومنهم الصحابي أبو مسعود الأنصاري رضي الله عنه، حيث قال كنت أضرب غلاما لي، 

 

فسمعت من خلفي صوتا اعلم أبا مسعود، للهُ أقدر عليك منك عليه فالتفت، فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت يا رسول الله هو حر لوجه الله، فقال "أما لو لم تفعل، للفحتك النار، أو لمستك النار" رواه مسلم، ومنهم أبو معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه، قال كانت لي جارية ترعى غنما فاطلعت ذات يوم، فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها، وأنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون، لكني صككتها صكة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعظم ذلك عليّ، قلت يا رسول الله، أفلا أعتقها قال "ائتني بها" فأتيته بها، فقال لها "أين الله؟" قالت في السماء قال "من أنا" قالت أنت رسول الله قال "اعتقها فإنها مؤمنة" رواه مسلم، ولقد بلغ سلفنا الصالح مبلغا عظيما في هذا الباب من شدة خوفهم من الله عز وجل، وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال. 

 

"لو نادى منادي من السماء أيها الناس، إنكم داخلون الجنة كلكم إلا رجلا واحدا، لخفت أن أكون أنا هو" فانظروا لهذا الخليفة الراشد، وقد شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة يقول أنه يخاف ألا يكون من أهل الجنة، فماذا نقول نحن وقد قصرت بنا أعمالنا، وغلبت علينا الذنوب والمعاصي، ونحن نأمل دخول الجنة مع التقصير في العمل ومحبة طول الأمل، وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال "كان رأس عمر على فخذي في مرضه الذي مات فيه، فقال لي ضع رأسي، قال فوضعته على الأرض، فقال "ويلي وويل أمي إن لم يرحمني ربي" فاللهم إنا نسأل الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يوفقنا أجمعين لسديد الأقوال وصالح الأعمال، وأن يهدينا أجمعين لحسن الفقه في دين الله عز وجل وحسن العمل بطاعته وما يقرب إليه. 

 

فاللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.

التعليقات الأخيرة

اترك تعليقًا

الأعلى