بقلم / غادة العليمى
كنا فى الماضى القريب لا نصدق امرا حتى نراه بأعيننا
وكان إذا ابلغنا احدهم شئ ورأينا بأعيننا عكسه نجيبه على الفور ونقول .. هل تظن اننا من الممكن ان نكذب اعيننا ونصدق قولك
لانه كان لكل شئ واى شئ مظهر واضح وثوب مناسب وصورة خاصه به
كان للرجل مظهر خشن وهيبة ذكورية لا تخطؤها العين
وكانت للمرأة ازياء انثوية خاصه ومظهر لطيف يليق بنعومتها
وكان الغناء طرب والفن مرأة المجتمع والقراءة كالماء والهواء والاداب العامة سلوك لا يقبل جدال والتعليم تعلم والعمل حياة والانحراف آفه مرفوضه مجتمعيا والجمال والقبح نقيضين لا يتقابلان والحلال بين والحرام بين
والذئب .. ذئب ، والحمل.. حمل ، والكلب .. كلب
كان القياس معلوم والنظريات مسلمات ومعايير الحكم لا تنحرف
فما الذى حدث لا اعلم ؟؟
ولكنى اعرف ان ثمة اختراع جهنمى يسمى فوتوشوب وفلتر فوتوغرافى
وقد تعودت ان ارى اشخاص بفلتر التصوير الحالى بوجه غير الوجه عين ملونه وفم صغير ورموش طويلة وشعر ذهبى وملامح مغايرة تماما للحقيقه يقدمها لك احداهم أو احداهن على انها صورته ويبتسم فى هدوء منتظر منك ان تصدق صورته المجمعه ملامحها من كل اداوت تحسين الصوره المسماه فلتر وتصدق عينيك وتكذب مرآته
يقدم لك ألقاب وهميه حصل عليها فى ورشات تجارية خاصه نظير كثير من المال على انها تعريفاته الشخصيه بينما هو امامك لا يعرف حتى معنى ألقابه لغويا
يقدم لك فونه الخاص الذى يقدر بالالاف وملابسه البراند على انه من الاغنياء بينما انت تعلم انه لايملك شئ ولا حتى العق و الارادة المجانية التى تمنعه من العبث بنفسه
وما يفعله فى نفسه ليبدو ثرى غنى فيضع كل امواله فى اقساط فادحه يدفع بها ثمن خداعك فى مظهره
يحدثك عن رجولته القويه بينما ملابسه انثوية رقيعه
يتباهى بعضده وعضلاته وجسده المفتول بينما هو بجانبك فى معمل تحاليل يعالج من فرط الانيما التى يسقط على اثارها امامك مغشى عليه اذا تعرض لشمس اغسطس
وكل ما يتباهى به من اثر الادوية والعقاقير التى تنفخ فى الجسد الواهن لتصنع هيرقل العظيم من فرفور المتواضع
تكلمك هى عن خطابها التسع وتسعون المفتونين بجمالها بينما وهى تتحدث يسقط رمشها الاصطناعى وعدسة عينيها اللاصقة الملونة وتعيدهم بهدوء وبساطة وتكمل الحديث
تتحدث عن اناقتها الفجة وهى ترتدى امامك بنطال ممزق واساور من الجماجم وقلادة من شعر الشيطان
تخبرك انها ام ترهقها الامومة ويتعبها دورها العظيم فى تربية صغارها بينما هى تتواصل على مواقع الخداع الاجتماعى مع مخادعين امثالها وصغارها تتكفل بهم دادة الحضانة وفراشة المدرسه والجده المريضة التى تترك لها الصغار كى تخرج وتسهر وتعود لتصدق انها الام المتعبة لانها افرخت كالدجاجة كتاكيت بشرية لا وقت ولا نية لديها لتراعيهم وتجعلهم جيل واعى واعد
يصادفك الاب الفخور المتباهى بولد ينفق عليه مالا وفير ليعلمه فى اكبر المدارس ويشترى له اغلى الثياب الانيقة و لا ينفق من وقته ساعة كل يوم ليتأكد من اناقه فكره وجوده تعليمه ويحدثك عن اجهاده فى التربية كأب
حتى المدرس فى هذه المدارس الذى يتقاضى راتبة نظير تعليمه ينصرف عن مدرسته بدروسه الخاصه وحين يحدثك عن مهنته ونفسه يخبرك انه معلم اجيال ولا اعرف عن اى اجيال يتحدث وهل يتكلم عن وظيفته العامه ام دروسه الخاصه
وملائكة الرحمة الذى يسرقون اعضاء المرضى وكذلك اعضاء صاحبة الجلالة الذين يلون اقلامهم بالكلمات الصفراء
ومحامين المحاكم الذى ينبشوا فى ثغرات القانون وموظفين الدولة الذى يؤمنون بان من يعمل كثيرا يخطئ كثيرا
لهذا فهم على مكاتبهم وفى جهات عملهم لكنهم لا يعملون
كل شئ ستراه بعينك حقيقة لكن حقيقة زائفة فرعت من محتواها الجوهرى واحتفظت بمظهرها المبهر بفضل فلاتر التقديم وبريق فوتوشوب العقل
والحقيقة امر اخر غير ماتراه
وستجن وتكذب حواسك وتكفر بصواب نظرتك
وتظن انك فى حاجة لكشف فورى ونظارة سميكة تعيد لك تصحيح النظر المخادع لك
لكن ولا الف نظارة يخلصك من هذا العبث
ولكى تحافظ على عقلك لا تصدق ما تراه عينك
التعليقات الأخيرة