add image adstop
News photo

الإخلاص ومراقبة النفس ومحاسبتها

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الأحد الموافق 11 أغسطس 2024

إن الحمد لله، نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، بعثه الله رحمة للعالمين هاديا ومبشرا ونذيرا، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فجزاه الله خير ما جزى نبيا من أنبيائه، فصلوات ربي وتسليماته عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وعلى صحابته وآل بيته، وعلى من أحبهم إلى يوم الدين أما بعد، إن من كمال المحبة لله تعالى أنه يجب علي العبد أن لا يحب ولا يبغض إلا في الله، فإذا امتلأ القلب بمحبة الله تعالى كان ذلك سببا عظيما من أسباب علاج أمراض القلوب، وأيضا الإخلاص ومراقبة النفس ومحاسبتها، فالنفس إن لم تحاسب وتراقب اتبعت الهوى وأشرفت على الهلاك. 

 

ولا شك بأن لأمراض القلوب أسباب، ومنها الفتن التي تعرض على القلوب، فإن رفضها القلب فاز وأفلح، وإلا خاب وانتكس، ومن الأسباب كذلك، هى الشهوات والمعاصي، والانشغال بالدنيا وملذاتها، والغفلة عن ذكر الله، واتباع الهوى والشبهات، وأكل ما حرّم الله من الربا والرشوة وغير ذلك، وإن من الأسباب الجوهرية للحديث عن هذا الموضوع هو غفلة كثير من الناس عن قلوبهم، وأن كثيرا من المشكلات بين الناس، وبالأخص بين طلبة العلم، سببها أمراض تعترى القلوب، ولا تبنى على حقائق شرعية، فهذه المشكلات تترجم أحوال قلوب أصحابها، وإن سلامة القلب وخلوصه سبب لسعادة الدنيا والآخرة، فسلامة القلب من الغل والحسد والبغضاء وسائر الأدواء سبب للسعادة والطمأنينة في الدنيا والآخرة، ويقول الإمام عبد الله بن أبي جمرة.

 

"وددت أنه كان من الفقهاء من ليس له شغل إلا أن يعلم الناس مقاصدهم في أعمالهم، فما أتي كثير ممن أتي إلا من قبل تضييع ذلك، وما أعطي الله لهذا القلب من مكانه في الدنيا والآخرة، وأن أقوال القلب وهي تصديقاته وإقرارته، وأعماله وحركاته من خوف ورجاء ومحبة وتوكل وخشية وغيرها هي أعظم أركان الإيمان عند أهل السنة والجماعة، وبتخلفها يتخلف الإيمان، وأن كثيرا من الناس جعلوا معظم همهم تفسير مقاصد الناس، وتحميل تصرفاتهم ما لا تحتمل، وتجاهل الظاهر، وترتيب الأحكام على تنبؤ عمل القلوب، مما لا يعلمه إلا علام الغيوب، من أنواع مما يطرأ على القلب من العلل والأدواء والأمراض وهذه المضغة الصغيرة وهى القلب أمرها عجيب، وما شبه هذا القلب إلا بالبحر، نراه في الظاهر رؤية سطحية، لكنه في الحقيقة عالم بحد ذاته. 

 

ففيه من أنواع الحيوانات والنباتات العجيبة ما حير علماء البحار، وهكذا القلب، فإن من تأمله حق التأمل وجد أن أمره مثير للعجب بما يحصل له من أحوال وانفعالات، وبما يتباين فيه الناس من أحوال ومقامات وصفات، وهذا غيض من فيض في عالم هذا القلب الصغير الكبير، ومما يطرأ على القلب من علل وأدواء، هو الغفلة، والعمى، والزيغ، والتقلب، والاشمئزاز، والإقفال، والقسوة، واللهو، والرياء، والنفاق، والحسد، وغير ذلك، وأعظم من ذلك بكثير، وأن يتعرض هذا القلب للطبع والختم والموت بعد نزول هذه الأمراض، وعدم مدافعة الإنسان لها، فيكون قلبه أسود، وكما أن القلب يتعرض للأمراض والعلل، فإن هذا القلب يحصل له من الأحوال الإيمانية، والمقامات التعبدية من الصفات المحمودة مثل اللين، والإخبات، والخشوع والإخلاص، والحب لله، والتقوى، والثبات، والخوف، والرجاء. 

 

والإنابة، وغيرها كثير، والحياة، والإيمان، وصفة قلب صاحبه أبيض، وإن مواطن امتحان القلوب كثيرة، وإن كثيرا من الناس يتصور أن القلب إنما يمتحن بالشهوات والمعاصي، والله سبحانه وتعالى يقول فى سورة الأنبياء " ونبلوكم بالشر والخير فتنة".

 

التعليقات الأخيرة

اترك تعليقًا

الأعلى