د. نادر على
في إنجاز علمي غير مسبوق، تمكن فريق من العلماء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) من ابتكار طريقة ثورية تسمح بدراسة ما يجري داخل نواة الذرة باستخدام إلكترونات الذرة نفسها كرسل دقيقة، وهو تقدم يفتح آفاقًا جديدة لفهم البنية العميقة للمادة وأسرار نشأة الكون.
وأوضح البروفيسور رونالد فرناندو غارسيا رويز، المشرف على البحث، أن هذه التقنية قد تمهد الطريق لأبحاث تهدف إلى رصد انتهاكات التماثل الأساسية في النواة، ما قد يسهم في الإجابة عن أسئلة جوهرية في الفيزياء الحديثة مثل: لماذا تفوقت المادة على المادة المضادة بعد الانفجار العظيم؟
وتعتمد الطريقة على استخدام جزيئات فلوريد الراديوم (RaF) التي تتكوّن من ذرة راديوم وأخرى من الفلور، كأنها مصادمات جسيمات مجهرية. حيث لاحظ العلماء أن بعض الإلكترونات تدور بسرعة هائلة حول النواة، واخترق بعضها مركزها مؤقتًا، ثم عاد حاملاً تغيّرًا طفيفًا في طاقته — بمثابة “رسالة نووية” تكشف تفاصيل دقيقة عن ما يحدث داخل النواة.
وبتحليل هذه “الرسائل”، تمكّن الباحثون من قياس ما يُعرف بـ التوزيع المغناطيسي النووي، الذي يصف اتجاهات البروتونات والنيوترونات داخل النواة باعتبارها مغناطيسات صغيرة. ومن خلال هذه البيانات، يسعى الفريق إلى رسم خريطة مغناطيسية ثلاثية الأبعاد لنواة الراديوم، وهي خطوة غير مسبوقة في تاريخ الأبحاث النووية.
نُشرت نتائج الدراسة في مجلة Science، واستخدم الفريق فيها تقنيات مطيافية الليزر عالية الدقة إلى جانب حسابات نظرية متقدمة لجزيء الراديوم أحادي الفلور المشع 225Ra19F، المعروف بحساسيته الفائقة للتغيرات دون الذرية.
ورغم الأهمية الكبيرة لهذا الكشف، يواجه العلماء تحديات تقنية معقدة بسبب الطبيعة المشعة للراديوم وصعوبة إنتاجه بكميات كافية، ما يتطلب تطوير أدوات قياس أكثر حساسية ودقة.
واختتم غارسيا رويز حديثه قائلاً:
“نواة الراديوم غير متناظرة في الشحنة والكتلة، ما يجعلها مكبّرًا طبيعيًا لأي انتهاك في قوانين التماثل الأساسية. وهذا ما قد يقودنا يومًا إلى فهم أعمق لكيفية تشكّل المادة في الكون.”
التعليقات الأخيرة