كتب د. نادر على
في خطوة وصفت بـ"التحول الحاسم" في أزمة مياه النيل، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبيي أحمد، اليوم الخميس، الانتهاء الكامل من أعمال بناء "سد النهضة" المثير للجدل، مؤكداً أن المشروع الذي أثار توترات إقليمية "يمثل فرصة وليس تهديداً" لجيران إثيوبيا، في إشارة إلى مصر والسودان.
وقال آبيي، خلال خطاب أمام البرلمان الإثيوبي، إن "العمل بات منجزاً بشكل كامل، ونحن الآن نستعد للتدشين الرسمي في شهر سبتمبر المقبل". وأضاف: "رسالتي لجيراننا في المصب، مصر والسودان، هي أن سد النهضة لا يجب أن يُنظر إليه كخطر، بل كفرصة للتعاون الإقليمي المشترك في مجال الطاقة والتنمية".
يأتي هذا الإعلان بعد أكثر من عقد من التوترات الدبلوماسية والمفاوضات المتعثرة بين الدول الثلاث، بسبب مخاوف مصر والسودان من تأثير السد على حصتهما التاريخية من مياه نهر النيل، والتي تمثل شريان حياة استراتيجي لشعبيهما.
ويُعد السد، الذي بلغت تكلفته نحو 4.2 مليار دولار، الأكبر من نوعه في إفريقيا، بطول 1.8 كيلومتر وارتفاع 145 متراً، وسعة تخزين مائية تصل إلى 74 مليار متر مكعب. ومن المتوقع أن يولد السد أكثر من 5 آلاف ميغاواط من الكهرباء، أي أكثر من ضعف الإنتاج الكهربائي الحالي لإثيوبيا.
تداعيات إقليمية متوقعة
ورغم دعوة آبيي أحمد إلى تجاوز الخلافات والاحتفال بما وصفه بـ"إنجاز أفريقي"، فإن الموقفين المصري والسوداني ما يزالان يتحفظان على تشغيل السد دون اتفاق قانوني ملزم يحدد قواعد الملء والتشغيل، ويضمن عدم الإضرار بحصص المياه السنوية.
المحلل السياسي السوداني، الطيب الزين، يرى أن إعلان إثيوبيا اكتمال البناء دون اتفاق "يكرس سياسة فرض الأمر الواقع"، ويزيد من حالة التوتر السياسي في المنطقة، خصوصاً في ظل غياب ضمانات قانونية دولية.
أما في القاهرة، فقد اعتُبر الإعلان الإثيوبي رسالة ضغط سياسي جديدة قبيل أي تحركات تفاوضية قادمة. وقال مصدر دبلوماسي مصري إن "مصر تتابع الوضع عن كثب ولن تقبل بأي خطوات أحادية تهدد أمنها المائي".
دعوة إثيوبية للاحتفال المشترك
وبينما تتصاعد التساؤلات حول ردود فعل القاهرة والخرطوم، دعا آبيي أحمد حكومات وشعوب دول حوض النيل، بما في ذلك مصر والسودان، إلى حضور مراسم تدشين السد في سبتمبر المقبل، في رسالة قد تحمل بعداً رمزياً لرغبة إثيوبيا في فتح صفحة جديدة، وإن كان الواقع الميداني والسياسي يشير إلى أن الخلافات ما زالت قائمة.
خاتمة
يبقى السؤال الأهم: هل سيقود اكتمال سد النهضة إلى تصعيد جديد في المنطقة، أم يكون نقطة انطلاق نحو شراكة نيلية عادلة ومستدامة؟ الإجابة مرهونة بإرادة سياسية حقيقية، وخطوات ملموسة لبناء الثقة بين دول حوض النيل.
التعليقات الأخيرة