كتب محمود الحسيني
في تطور دراماتيكي قد يعيد رسم خريطة الطاقة في شرق المتوسط، أعلنت وزارة الطاقة الإسرائيلية عن إغلاق مؤقت لاثنين من أكبر حقول الغاز الطبيعي في البلاد: كاريش وليفياثان. ووفقًا لما نقلته وسائل إعلام عبرية، فإن هذا القرار سيترك أثرًا كبيرًا على شركاء التصدير الإقليميين، وفي مقدمتهم مصر والأردن.
إغلاق مفاجئ وتراجع حاد في الإنتاج
الإجراء، الذي بررته إسرائيل بمخاوف تتعلق بالبنية التحتية للطاقة، أدى إلى انخفاض إنتاج الغاز من نحو 27 مليار متر مكعب سنويًا إلى حوالي 10 مليارات فقط، ما يعكس تراجعًا يتجاوز 60%. وبينما تستمر عمليات الإنتاج في حقل تمار، إلا أن التأثيرات بدأت تُرصد خارج حدود إسرائيل مباشرة.
الأردن: فاتورة طاقة متزايدة
يستهلك الأردن نحو 3 مليارات متر مكعب من الغاز الإسرائيلي سنويًا، تمثل أكثر من نصف استهلاكه المحلي. ومع توقف الإمدادات، سيضطر إلى اللجوء إلى مصادر بديلة، غالبًا عبر استيراد الغاز المسال بتكلفة أعلى. ويتوقع مراقبون أن تنعكس هذه التكاليف على المستهلكين الأردنيين، وربما تتسبب بضغط على الميزانية العامة.
مصر: خسارة مزدوجة في السوق المحلي والتصديري
أما مصر، التي تعتمد جزئيًا على الغاز الإسرائيلي لدعم محطات الكهرباء وزيادة صادرات الغاز المسال، فقد استوردت أكثر من 10 مليارات متر مكعب من إسرائيل خلال 2024. ورغم امتلاكها احتياطات محلية كبيرة، إلا أن غياب هذه الكميات قد يرفع أسعار الطاقة داخليًا ويؤثر على خطط التصدير، ما يمثل خسارة مزدوجة.
انعكاسات على شبكة الغاز الإقليمية
لا يقتصر التأثير على مصر والأردن، بل قد يمتد إلى دول مثل سوريا ولبنان المرتبطة بشبكة الغاز الإقليمية عبر الأردن. ففي لبنان، الذي يعاني أصلًا من أزمة كهرباء خانقة، قد يؤدي اضطراب الإمدادات إلى تعميق الأزمة وزيادة الاعتماد على الوقود المكلف والملوّث.
البدائل: بين الفحم والنفط والتكلفة البيئية
تسعى إسرائيل لتعويض النقص من خلال استخدام الفحم والنفط، وهو ما سيؤدي إلى زيادة التلوث وارتفاع التكاليف التشغيلية، لكن وزارة الطاقة الإسرائيلية أكدت أن استهلاك السوق المحلي لا يزال ضمن المستطاع، وأن الأولوية ستكون لتلبية الطلب المحلي، ولو على حساب الصادرات.
خاتمة: أزمة مؤقتة أم تحول استراتيجي؟
القرار الإسرائيلي بوقف الإنتاج في حقلي كاريش وليفياثان يثير تساؤلات حول مستقبل الشراكات الإقليمية في مجال الطاقة، ويضع مصر والأردن أمام اختبار حقيقي في إدارة موارد الطاقة وسط تذبذب إقليمي قد يكون له ما بعده.
التعليقات الأخيرة