كتب د. نادر على
في إنجاز أثري جديد يضاف إلى سجل الاكتشافات العظيمة التي تعزز من مكانة مصر على خريطة السياحة الثقافية العالمية، أعلنت وزارة السياحة والآثار عن الكشف عن ثلاث مقابر أثرية جديدة بمنطقة ذراع أبو النجا في البر الغربي بالأقصر، تعود جميعها لعصر الدولة الحديثة، وتحديداً لعصور الرعامسة والأسرة الثامنة عشرة.
ويأتي هذا الكشف المهم بأيادٍ مصرية خالصة، حيث قامت به بعثة أثرية مصرية، مما يعكس بجلاء الكفاءة العالية والخبرة المتقدمة للكوادر الأثرية المصرية، وقدرتها على تحقيق اكتشافات نوعية تحظى باهتمام دولي واسع.
تفاصيل المقابر المكتشفة:
1. مقبرة "آمون-إم-إبت":
تنتمي هذه المقبرة إلى أحد رجال الدولة من العصر الرعامسي، وكان يشغل منصباً دينياً في معبد أو ضيعة آمون. ورغم أن معظم مناظر المقبرة تعرضت للتلف، فإن الأجزاء المتبقية تصور مشاهد تقديم القرابين، وطقوس الوليمة، وحمل الأثاث الجنائزي، مما يتيح نافذة فريدة لفهم الطقوس الدينية والجنائزية آنذاك.
2. مقبرة "باكي":
تعود هذه المقبرة لعصر الأسرة الثامنة عشرة، ويعتقد أن صاحبها كان مشرفاً على صومعة الغلال، وهي وظيفة اقتصادية مهمة تشير إلى دوره في إدارة الموارد الزراعية والغذائية، ما يعكس مدى تنظيم الإدارة الاقتصادية في تلك الفترة.
3. مقبرة "إس":
أما المقبرة الثالثة، فهي تخص شخصية بارزة تُدعى "إس"، وكان يعمل مشرفاً على معبد آمون في الواحات، بالإضافة إلى كونه عمدة الواحات الشمالية وكاتباً. وتدل ألقابه على مكانة مرموقة جمعت بين الوظائف الدينية والإدارية، ما يعكس شبكة النفوذ السياسي والديني خارج مركز السلطة في طيبة.
ويجري حالياً استكمال أعمال التنظيف والدراسة العلمية للنقوش والمناظر المتبقية داخل المقابر الثلاث، تمهيداً لنشر نتائج الحفائر بصورة علمية تسهم في توسيع فهمنا للحياة الاجتماعية والدينية والإدارية في الدولة الحديثة.
هذا الكشف الكبير ليس فقط إضافة جديدة لتاريخ مصر القديم، بل يُعد تأكيداً جديداً على ريادة مصر في علم الآثار، وعلى قدرتها على الحفاظ على تراثها واستكشاف المزيد من كنوزه المدفونة تحت رمال التاريخ.
التعليقات الأخيرة