كتب د. نادر على
اتخذت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خطوة حاسمة بفرض قيود صارمة على تصدير الرقائق الإلكترونية النانومترية إلى الصين. خطوة كانت تهدف بالأساس إلى إبطاء التقدم التكنولوجي الصيني، لكنها فتحت الباب أمام سيناريو معاكس تمامًا، حيث دفعت هذه السياسات الشركات الصينية إلى تسريع وتيرة البحث والتطوير وتحقيق قفزات نوعية في مجالات النانو وأشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي.
المفارقة أن تلك القيود الأميركية، التي أُريد منها إضعاف المنافس الصيني، منحت بكين دافعًا غير مسبوق لتعزيز صناعاتها المحلية، وتطوير بنية تحتية مستقلة في مجال تصنيع الرقائق المتقدمة. المحلل التقني البارز جاك غولد أشار إلى أن هذه السياسات "منحت الصين دفعة قوية غير مقصودة"، قد تُفضي في المستقبل إلى تفوقها على نظيراتها الأميركية، ليس فقط في السوق المحلي، بل عالميًا أيضًا.
وتزداد المخاوف داخل كبرى شركات التكنولوجيا الأميركية مثل "إنفيديا" و"إيه إم دي"، اللتين أعربتا هذا الأسبوع عن قلقهما من الخسائر المالية المحتملة، بعدما أصبحت تصاريح التصدير للصين أكثر تعقيدًا وتشددًا. إذ إن تقييد السوق الصيني – وهو واحد من أكبر الأسواق العالمية – قد يؤدي إلى فقدان حصة ضخمة من الأرباح والنفوذ التجاري، بينما تصعد الشركات الصينية إلى منصة المنافسة العالمية.
اليوم، تواصل الصين تعزيز منظومتها التكنولوجية مستندة إلى موارد ضخمة، واستراتيجية وطنية طويلة المدى تهدف لتحقيق الاكتفاء الذاتي في الصناعات المتقدمة. وإذا استمرت وتيرة الابتكار الحالية، فإن العالم مقبل على إعادة رسم خريطة القوى في صناعة التكنولوجيا، حيث قد تتحول الصين من متلقٍ للتكنولوجيا إلى مصدرها الأول.
التعليقات الأخيرة