add image adstop
News photo

سوق الفودو في توغو: أغرب الأسواق بالعالم

كتبت سماح إبراهيم 

 

في قلب العاصمة التوغولية لومي، حيث يمتزج الواقع بالخرافة وتتشابك الثقافات القديمة مع آمال الناس في الشفاء، يقع أحد أغرب الأسواق في العالم: سوق الفودو. هذا السوق الذي يجذب زواره من جميع أنحاء العالم، لم يعد مجرد مكان لبيع السلع، بل تحول إلى معبد حي للفودو والشعوذة، يُعتبر قبلة للباحثين عن العلاج، الحلول السحرية، وحتى لتحقيق الأحلام الطموحة.

 

سوق الفودو، الذي يُعرف أيضًا بسوق أكوديسيوا، يعتبر من أقدم وأكبر أسواق الشعوذة في أفريقيا. يُباع فيه كل شيء تقريبًا، من أجزاء الحيوانات النادرة مثل جمجمة فرس النهر وكف الغوريلا، إلى الريش وأعضاء الحيوانات المفترسة مثل التماسيح والفهود. يُعتقد أن هذه الأجزاء تمتلك قوى سحرية يمكن أن تعالج الأمراض، وتحل المشكلات الاجتماعية والمالية، بل وحتى السياسية.

 

ما يميز هذا السوق هو أنه ليس مجرد مكان للبيع والشراء، بل هو مركز ثقافي ديني يزوره الأشخاص من مختلف الأماكن لطلب العون من الآلهة عبر طقوس خاصة. فالمشعوذون المتخصصون هنا ليسوا مجرد تجار، بل هم كهنة يمارسون طقوسًا قديمة تمتد لقرون، ويدّعون القدرة على التفاعل مع قوى غيبية. هؤلاء السحرة، الذين يتقنون طلاسم قديمة ويعرفون أسرار النجوم التسعة، يقدمون مشورتهم وحلولهم مقابل أجر، وفي بعض الأحيان قد تكون هذه الحلول بمثابة آمال يعلقها الناس على خلاصهم.

 

الجو في السوق مشبع برائحة لا تُطاق، إذ تتوزع بقايا الحيوانات النافقة وسط أكوام من الأعشاب، الطلاسم، والمراهم التي يعتقد البعض أن لها القدرة على إحداث المعجزات. في هذا السوق، يُباع كل شيء بدءًا من مسحوق الحرباء إلى دماغ القرود، مرورًا بعيون الضباع وحتى أظافر التماسيح. وكأنما جميع هذه الأغراض تجتمع لتقدم الحلول لمشاكل الحياة اليومية.

 

الظاهرة التي قد تبدو غريبة للبعض، لها جذور عميقة في ثقافة العديد من الشعوب الأفريقية. على الرغم من أن هذه الممارسات قد يُنظر إليها من قبل البعض على أنها خرافات، إلا أن هناك إيمانًا قويًا في قدرتها على معالجة الأمراض والمشاكل الشخصية. بعض الزوار يعتقدون أن السحر يمكن أن يحقق لهم النجاح المهني، بينما يراه آخرون وسيلة لتحقيق الراحة الروحية.

 

وفي الوقت الذي يحتفظ فيه السوق بتراثه الثقافي العميق، فإنه أيضًا أصبح مزارًا سياحيًا للكثير من الزوار الأجانب الذين يأتون لاستكشاف هذه الظاهرة الفريدة، ورؤية كيف يمكن لممارسات السحر أن تتداخل مع الحياة اليومية في تلك البقعة من العالم.

 

لكن ما يثير تساؤل البعض هو هل يُعد هذا السوق مكانًا للعلاج الفعلي، أم أنه مجرد تجارة كاسدة قائمة على الخرافات؟ يبقى الجواب غامضًا بين من يؤمنون بقدرته على الشفاء ومن يرون أنه مجرد تجارة تستغل الآمال البشرية في الحصول على حلول سريعة للمشاكل المستعصية.

 

في النهاية، يظل سوق أكوديسيوا في لومي علامة فارقة في العالم، يجمع بين التقاليد والأسرار القديمة، وبين البشر الذين يبحثون عن أمل في عالم مليء بالتحديات.

 

حفظنا الله وإياكم من كل شر.

التعليقات الأخيرة

اترك تعليقًا

الأعلى