كتب د. نادر على
في عالم السينما والفن، يعتبر تمثال الأوسكار واحدًا من أرقى الجوائز وأكثرها شهرة على مستوى العالم. لكن القليل من الناس يعرفون أن مصدر إلهام هذا التمثال الشهير يعود إلى حضارة قديمة عظيمة، وهي الحضارة المصرية. ففي مطلع القرن العشرين، عندما كان النحات الأمريكي جورج ستانلي برفقة مسؤولين من شركة "مترو جولدن ماير" الأمريكية يفكرون في تصميم تمثال لجائزة الأوسكار، كان هدفهم العثور على رمز يعبر عن الإبداع الفني والابتكار السينمائي.
لم يكن أمامهم إلا نموذج واحد يمكن أن يعبر عن هذه الفكرة بعمق: تمثال "النتر بتاح" المصري القديم. النتر بتاح هو إله الخلق في الفكر المصري القديم، الذي ارتبط بخلق العالم من المياه الأزلية، ويُعتبر رمزًا للإبداع والخلق. كان النتر بتاح يُصوَّر في التماثيل على هيئة رجل واقف، ذو جسد بسيط، بلا تفاصيل معقدة، وهو ما يعكس عبقرية المصريين في التعبير عن المفاهيم العميقة عبر البساطة.
من خلال هذا التمثال، عبَّر المصريون عن فكرة "الوعاء" الذي يحتوي على إمكانيات الخلق والإبداع. كان النتر بتاح يحمل "عصا الواس"، وهي العصا السحرية التي تمثل القدرة على الخلق وإطلاق الطاقة اللازمة لابتكار الكون. وهو نفس الشكل الذي تم تبنيه في تصميم تمثال الأوسكار، مع تعديل بسيط بتحويل العصا إلى سيف، وكأن التمثال قد أصبح فارسًا عصريًا يحمل في يده قوة الإبداع الفني.
إلهام المصريين القديم هو ما ألهم الأمريكيين في تصميم تمثال الأوسكار، ليصبح رمزًا يعبر عن التفوق والإبداع في مجال الفن السابع. لكن الأهم من ذلك هو أن هذا التمثال يحمل في طياته رسالة عميقة: فكل فكرة خلاقة، وكل إبداع، يعود في جذوره إلى الإلهام المصري الذي أسس لحضارة عظيمة ألهمت العالم بأسره.
تاريخ مصر، الحضارة التي أضاءت ظلام العالم القديم، يظل مصدرًا لا ينضب للإبداع والابتكار، والأوسكار ليس سوى واحد من العديد من التماثيل التي ترمز إلى هذا الإرث الحضاري الفريد. فالمصريون كانوا دومًا مصدر الإلهام، وحضارتهم كانت النور الذي أضاء دروب الإنسانية، وما زال تأثيرهم يمتد عبر العصور.
لذلك، لا يجب أن ننسى أبدًا أن كل فكرة مبدعة تحمل في جذورها شيئًا من تلك الحضارة العظيمة التي ولدت على ضفاف النيل، حضارة مصر التي لا يزال إبداعها يشع نورًا في كل المجالات.
التعليقات الأخيرة