بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد تقول فتاة نظرا لظروفنا العائلية، وجدت نفسي مضطرة لأن أعيش في بيت أختي الكبيرة المتزوجة، وزوجها إنسان صالح طيب القلب، لكن أختي مع الأسف شخصية مسيطرة غاضبة وعابسة معظم الوقت، وتميل إلى الضجار مع زوجها بسبب ودون سبب، رغم أنه إنسان طيب دمث الخُلق وهادئ، وأنا أرى البيت أغلب الوقت كئيبا، وكثيرا ما حدثت أختي وطلبت منها أن تعدل عن سلوكها، وكانت تستمع لي وتظل صامتة، ثم تعود إلى سيرتها الأولى، فإنها حقا بيوت كئيبة، تلفها سحابة من الغم والهم والحزن، ونعوذ بالله منها.
ونسأل الله أن يرزق بيوتنا الحب والسعادة، والإيمان والذرية الصالحة، ويرى الخبراء أن المشاحنات اليومية الصغيرة التي تحدث بين أي زوجين تؤدي دورا واضحا في ترسيب المشاعر السلبية بينهما، وهي إن كانت لا تحوي قدرا كبيرا من العنف إلا أنها تعتبر الشرارة الأولى لتفجر المشكلات الكبيرة وربما العنف المؤدي إلى الطلاق من منطلق أن معظم النار من مستصغر الشرر، ويؤكد المختصون أن أغلب تلك المشاحنات لا تعبر عن عيوب في أحد الزوجين بل في طريقة التواصل بينهما وهي عبارة عن شحنة زائدة ناتجة عن إحباطات ومشكلات طارئة تفرغ ضد الطرف الآخر وقد تكون لسبب تافه لا علاقة للطرف الآخر به، فالقاعدة في الزواج ليست حدوث المشاحنات والمشكلات.
لكن القاعدة هي وجود إختلاف لا يؤثر في العلاقة الزوجية حيث تبقى سوية وطبيعية، وكما أن هناك عواقب للنكد، حيث إن الحياة الزوجية المليئة بالنكد تؤثر بشدة في هرمونات المرأة والرجل، حيث يرتفع هرمون الكورتيزول نتيجة التوتر المستمر، وتصبح معدلات إرتفاع هذا الهرمون أسرع عند المرأة وهذا يؤثر في قدرتها على إحتمال هذه الحياة النفسية، فضلا عن أن النكد الزوجي يتسبب في الكثير من الأمراض لكلا الزوجين نتيجة الحياة التعسة، وتمتد آثار النكد لتصل إلى الأبناء فيشعرون بالخطر والقلق والتوتر، ويقل إحساسهم بالاطمئنان فضلا عن إمكانية إصابتهم ببعض الأمراض فقد عزت بعض الآراء العلمية الحديثة أحد أسباب الربو في سنوات الطفولة الأولى إلى الخلاف بين الأبوين.
الذي يستشعره الطفل حتى إن كان خافيا، ويرى الخبراء والمختصون أن منع الخلافات مناف للطبيعة البشرية وطبيعة الإجتماع البشري وما يحمله من إحتكاكات يومية لا تخلو من إختلافات في وجهات النظر، تجعل من الصعب إن لم يكن من المستحيل منعها فسبيل الحل هو إيجاد أسلوب للتفاهم، وفض المشاحنات بين الزوجين يتطلب إعتماد الأسلوب الذي يؤدي إلى حل الخلافات وليس تصعيدها وأولى الخطوات هي ضبط النفس والتفكير في أسباب المشكلة ومناقشة الطرف الآخر والإستماع لرأيه بهدف فهم وجهة نظره وليس للرد عليه ومن ثم يأتي دور تقييم المشكلة بموضوعية وهذا يتطلب قدرا من المرونة والتسامح في العلاقة للوصول إلى قناعة مشتركة.
وليس فرض رأي والإصرار عليه، وفي حال عدم التوصل إلى قناعة مشتركة فلا بأس من تأجيل الموضوع لفترة، وقد يجدي الصمت في حال كون أحد الطرفين في مزاج عصبي أو عندما لا يمتلك رؤية واضحة للموضوع المختلَف عليه.
التعليقات الأخيرة